الدهون البنية في جسم الانسان هل يمكن أن تساهم في انقاص وزنك ؟
تراكم الدهون في الجسم تمثل مشكله كبيره للكثيرين, ويرغب العديد من الناس في تقليل نسبتها في أجسادهم للحصول على أجسام رشيقة, لكن الأبحاث الطبية الحديثة قد تقلب بعض افتراضاتنا وقناعاتنا السائدة حول الدهون رأسا على عقب.
ويعتقد العلماء الآن, أن هناك نوعاً من الدهون المخبأه داخل أجسامنا قد تساعدنا في ان نكون نحاف القامه. وهذا النوع من الدهون يسمى بـــ"الدهون البنية".
والخلايا الدهنيه البنية تحرق الطاقة لتنتج الحراره في الجسم عندما نشعر بالبرد,وذلك عكس الدهون البيضاء التي تخزن الطاقه.
ويمكن أن تنتج الدهون البنية حرارة أكثر بـ 300 مرة من أي نسيج آخر في الجسم. وكلما زادت الحرارة المنتجة، ازداد حرق السعرات الحرارية.
أين تكمن الدهون البنية؟
جسم الإنسان يحتوي منذ ولادته على أماكن تُخزن فيها الدهون البنية والتي تمثل أمرا حيويا لمساعدتنا في الحفاظ على أجسامنا دافئه عندما نكون أطفالا رُضعّا.
والعلماء اعتاد على الاعتقاد بأن الدهون البنية تختفي أو تتوقف عن العمل عند بلوغنا سن الرشد, إذ أن أجسامنا تطور طرقاً أخرى لتنظيم درجة الحراره, كالارتعاش مثلاً.
ولكن الدراسات والأبحاث الجديده كشفت أن البالغين لا يزالون يمتلكون كميات صغيره من الأنسجه الدهنيه البنية الفاعله, وخاصه حول منطقتي الرقبه والكتف.
وكما ان الباحثون اكتشفو أيضاً, نوعاً ثالثاً من الدهون, وتسمى "الدهون ذات اللون الرملي الشاحب"، (أي اللون البيج وسنستخدم هنا مصطلح الدهون الرمليه في إشاره إلى لونها يشبه اللون الرملي الشاحب). وان هذه الدهون توجد داخل جيوب من الدهون البيضاء في كل أجزاء الجسم.
وان نتائج الاختبارات التي أجريت على الحيوانات والتجارب المختبريه التي أجريت باستخدام الخلايا تشير إلى أنه يمكن تنشيط الدهون الرمليه لتتصرف مثل الدهون البنية وتحرق السعرات الحراريه الزائده والمخزنه في الأنسجه الدهنيه البيضاء.
ومن الرغم من أن قدرة هذه الدهون على حرق الطاقه أقل من الدهون البنيه, إلا أن الباحثين يعتقدون أنه قد تكون نسبه الدهون الرمليه في الجسم أكثر بكثير من الدهون البنية, ولذلك يمكن أن يكون لها تأثير تراكمي عند تنشيطها.
هل يمكن أن تساعد الدهون البنية في إنقاص الوزن؟
الباحثون يعتقدون أنه قد تكون هناك طرق لزيادة قدرة حرق السعرات الحراريه للدهون البنية والرمليه, والتي يمكن أن تساعد في تعزيز فقدان الوزن إذا ازداد إستهلاكنا للطاقه أكثر من خزننا لها.
والبروفسور مايكل سيموندز, من جامعة نوتنغهام يعد أحد العلماء الرائدين في هذا المجال من والدراسات البحوث. وقد أظهرت الدراسات السابقه التي أجريت في مختبر سيموندز أنه يمكن تحفيز الدهون البنية وذلك بواسطة محفزات مختلفه, مثل درجات الحراره المنخفضه, ويمكن لهذا الأمر أن يزيد من استهلاك الطاقه عند البالغين.
وقد أرسلنا الدكتور زوي ويليامز، إلى نوتنغهام لاختبار ذلك باستخدام كاميرا للتصوير الحراري مصممه لهذا الغرض. والبروفيسور سيموندز تمكن من تجسيد صور مرئيه لمقدار الحراره التي تنتجها الدهون البنية في جسم زوي.
وزوي ارتدى بطانيه خاصه يمكن التحكم بدرجه الحراره فيها. وقد ضُبطت الحراره عند 15 درجه مئويه، أي ما يعادل برودة الماء المتدفق من الحنفيه, فازداد إنتاج الحراره الناتجه عن دهون زوي البنية بشكل ملحوظ.
نحن نعلم أن التعرض للبرد يُحفز الدهون البنية، لذا، بمجرد أن توجد في بيئة باردة، أو تسبح في ماء بارد، قد يساعد ذلك في تنشيط كلا من مخازن الدهون البنية والرملية في جسدك.
و"تدريب" الدهون البنية عن طريق التنشيط المتكرر, يُجبرها على أن تصبح أفضل في وضع حرق الطاقه. بيد أن هذا النوع من "التدريب" سيتضمن عدة ساعات من التعرض اليومي للبرد على مدى أسابيع, وهو أمر قلّما نجربه نحن البشر, إن لم نتجنبه كليا.
والأبحاث والدراسات الجديده اظهرت أن بعض المكونات الغذائيه مثل الفلفل والكافيين يمكن أن تحفز هذه الخلايا أيضاً على حرق الطاقه في ظروف المختبر.
لكن لا يزال هناك حاجه إلى مزيد من البحث قبل أن نعرف تأثير المكونات الغذائيه على الدهون البنية والرملية في الواقع.
هل هناك فوائد أخرى للدهون البنية؟
إن وجود الكثير من الدهون البيضاء في الجسم, قد يزيد من خطر الإصابه بمرض السكري من النوع الثاني وايضا أمراض القلب . بيد أن الدهون البنية توجد بكميات أقل بكثير في أجسامنا, وتؤدي زيادة كمياتها في أجسامنا إلى تحسن عملية الأيض التي تنتج أجسامنا عبرها الطاقه الضروريه لحياتنا وصحتنا.
وإلى جانب دورها في زيادة استهلاك الطاقة، مما قد يساعد في تعزيز فقدان الوزن، تمتلك الدهون البنية القدرة على تحليل الغلوكوز والليبيدات (مواد عضوية لا تذوب بالماء وتدخل جزيئاتها في تركيب المواد الدهنية) في عملية إنتاج الحرارة، الأمر الذي قد تكون له فوائد صحية أخرى.
لا يزال هذا البحث في مراحله الأولى، ولكن العلماء يعتقدون أن زيادة كمية أو نشاط الدهون البنية قد تساعد في مكافحة مرض السكري عن طريق تحسين تنظيم نسبة الغلوكوز في الدم.
و فكرة الاستحمام بالماء البارد أو تناول الفلفل الحار قد لا تروق لمعظم الناس! لكن البحث عن أفضل طريقه لزيادة الدهون البنية والرملية في أجسامنا, لا يزال في مرحله مبكره, وسنكتشف ونتعلم المزيد في هذا الشأن في السنوات المقبله.
إرسال تعليق